خبرني - لم يكن البيان المشترك الصادر عن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، عقب اجتماع ممثلي الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا في ميامي، مجرد متابعة تقنية لوقف إطلاق النار في غزة، بل عكس انتقال الملف من إدارة النار إلى إدارة اليوم التالي، ومن منطق المعركة إلى منطق الحكم.
لغة البيان بدت هادئة ومطمئنة، لكنها في العمق لغة إدارة أزمة لا إعلان سلام، فالمرحلة الأولى لم تكن نهاية للصراع بقدر ما كانت إعادة ضبط لإيقاعه، بما يمنع الانفجار الشامل ويمنح الوسطاء وقتا لصياغة المشهد اللاحق.
التحول الحقيقي يبدأ مع الحديث عن "المرحلة الثانية"، حيث يصبح سؤال الحكم هو العنوان الأبرز: من يحكم غزة؟ وكيف؟ وتحت أي مرجعية؟
إن تعبير "هيئة حكم تحت سلطة غزية موحدة" يبدو مقصودا في غموضه، لكنه عمليا يشير إلى كيان انتقالي وظيفي محدود السيادة، يخضع لرقابة دولية ويستبعد الصيغ السابقة للحكم.
أما "مجلس السلام"، فليس سوى إدارة انتقالية ذات طابع مدني-أمني تشرف على إعادة الإعمار وحفظ النظام، ما يعكس إدراك الوسطاء لهشاشة أي سلطة محلية منفردة بعد الحرب.
اللافت هو غياب الفاعل الفلسطيني السياسي عن البيان، إذ لم تذكر مرجعية وطنية أو انتخابات، ما يعزز فرضية حل إداري مؤقت يدار خارج التوافق الوطني، في المقابل جاءت الرسائل لإسرائيل حذرة تسعى إلى كبح التصعيد دون صدام مباشر.
إقليميا يعكس إشراك مصر وقطر وتركيا محاولة توازن دقيق، قد يتحول إلى تضارب أدوار إن لم تُحسم المرجعية، وفي المحصلة نحن أمام إدارة انتقالية لا تسوية نهائية، ورهان على الزمن أكثر من كونه حلا جذريا، فيما يبقى السؤال معلقا: هل تمهد هذه الخطة للدولة الفلسطينية أم تؤسس لإدارة صراع طويل الأمد؟




